شبكة التغذويين العرب – أخصائية التغذية رغد الفروخ
قصة حقيقية :
لاحظ أبوان أن ابنتهم البالغة من العمر 17عاماً قد تعرضت لدوخة وتعب وفقدان للشهية خلال عدة أيام متتالية ثم أصيبت بحالة فقدان كامل للوعي فتم نقلها إلى الطوارئ , وعند تشخيص حالتها أفاد والدها أن الفتاة كانت قد خسرت 11.4 كغ من وزنها خلال الأربعة أشهر الماضية , عدا عن ممارستها الشديدة للرياضة. هذا وقد كانت تعاني الفتاة أيضاً من جفاف الشعر والوجه , الإمساك , برودة وتضخم في الأطراف , الحساسية , الأكزيما , الاكتئاب النفسي , وقلة التركيز مما أدى إلى تراجع مستواها الأكاديمي في المدرسة ! كما أن ضغط الدم كان لديها منخفض باستمرار والنبض غير منتظم. تم حساب قياسات الجسم للفتاة , فبلغ طولها 1.7 متر والوزن 47 كغ فقط ! أي أن مؤشر الكتلة يساوي 16 وهذا أقل من الحد الطبيعي بكثير ! و حين تم استجواب الفتاة , أشارت إلى أنها ترغب بفقدان المزيد من الوزن لأنها ترى نفسها سمينة , وأنها كانت تركز في غذائها على اللبن والفاكهة مع التجنب التام للدهون. وقد صرّحت الأم بأن لديها قريب كان يعاني من هذه المشكلة في فترة المراهقة. وبناءاً على هذه المعلومات وعلى الفحوصات المخبرية تم تشخيص الحالة على أنها “القهم العصبي” , وهذا هو موضوعنا تحديداً.
القهم العصبي أو ما يعرف بفقدان الشهية العصبي هو مرض (نفسي – تغذوي) يتمثل باضطراب في العادات الغذائية مما يَحُول إلى انخفاض وزن الجسم بشكل غير طبيعي و يرتبط بالخوف الشديد والمستمر من اكتساب الوزن. يلجأ المصابون بهذا الاضطراب إلى ممارسات ذاتية خاطئة كالتقيؤ المتعمد وسوء استخدام المسهلات، ومدرات البول ومثبطات الشهية و “أدوية التخسيس” والحقن الشرجية. كما يلجئون إلى “فحص الجسم” باستمرار مثل تكرار قياس الوزن والتحديق البالغ في المرآة وتقييم الشكل.
لا يشترط ظهور جميع أعراض القهم العصبي لدى المصاب , ولكن يكفي وجود معظمها وتتمثل هذه الأعراض بـ :
انخفاض مفاجئ أو شديد في وزن الجسم , تقييد تناول الأطعمة بشكل مبالغ , خوف شديد من اكتساب الوزن والسعي المستمر للنحافة , فقر الدم , إعياء وتعب , الأرق , دوخة أو إغماء , ازرقاق الأصابع , جفاف وتكسر الشعر, الإمساك , جفاف واصفرار الجلد , انخفاض درجة حرارة الجسم , عدم انتظام ضربات القلب , انخفاض ضغط الدم , هشاشة العظام , نقص في كتلة العضل , انقطاع الحيض عند الفتيات والنساء , تورم الأطراف , مزاج متلبد (عدم وجود العاطفة ) , الانسحاب الاجتماعي والعزلة أحياناً , التهيج والحساسية , قلة هرمون التستستيرون لدى الرجال , مشاكل في الكلى , اضطراب في توازن المعادن في الجسم , النفخة , انخفاض الانجذاب للجنس الآخر , إدمان الكحول , التشجنات , الاكتئاب والتفكير بالانتحار.
_هناك عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة بهذا المرض :
- الجنس : حيث أن 80-90٪ من المرضى الذين يعانون من فقدان الشهية هم من الإناث.
- العمر : معظم المصابين بهذا الاضطراب هم من فئة المراهقين (متوسط العمر 15سنة).
- الجينات : هناك أشخاص لديهم استعداد وراثي للإصابة بالقهم من خلال تغييرات جينية أو من خلال تاريخ العائلة كإصابة أحد الأقارب به من قبل.
- الدخول في حمية : بعض الأشخاص ممن يخضع لحمية لإنقاص الوزن الزائد قد يطمع بفقدان المزيد فيصاب بهذا الاضطراب.
- الوضع الاجتماعي : الفقر , التفكك الأسري , الضغوطات والمشاكل في المنزل أو العمل أو المدرسة , النقد السلبي , الاعتدائات الجسدية وعدم الاستقرار اجتماعيا ً كالتوتر المستمر.
- الحالة الصحية : وجود أمراض جسدية أو نفسية قد تزيد من احتمالية حدوث فقدان الشهية العصبي.
- البيئة والإعلام : حين يبث الإعلام مفاهيم مغلوطة حول مقاييس الجمال وارتباط الشكل بالعمل والثروة , واستهداف الموضة صاحبات الجسد النحيل.
- الرياضة : الأشخاص الرياضيين أو النشيطين هم أكثرعرضة للإصابة , لانشغالهم بالنشاطات عن تناول الطعام وفقدان الشهية في كثير من الأحيان.
كيف يتم تشخيص فقدان الشهية العصبي وتقييمه؟
عادة ما يشتبه في التشخيص من قبل العائلة والأصدقاء أولاً عند ملاحظة فقدان الوزن بشكل ملحوظ وسريع وتغيير في عادات الغذاء أو عند ظهور الأعراض المذكورة سابقاً. ويمكن إجراء التشخيص عن طريق التحقيقات الطبية ومناقشة المريض وعائلته والكشف عن احتمالية وجود مشاكل نفسية، والفحوصات المخبرية الشاملة، وتخطيط القلب الكهربائي، وقياسات الجسم.
العـلاج :
هناك نهج متكامل لعلاج القهم العصبي , يتكون من طبيب نفسي واخصائي تغذية وطبيب عام , حيث يقوم الطبيب النفسي بتغيير قناعات المصاب وعلاج الهواجس الخاطئة والمشاكل النفسية الناجمة عن المرض كالاكتئاب وغيرها , وأخصائي التغذية يقوم بإعطاء الإرشادات الغذائية اللازمة وتعديل نمط الحياة والسير وفق خطة مع المصاب للوصول إلى الوزن المناسب واستعادة صحته , أما الطبيب العام فبدوره يقوم بعلاج الأعراض وإعطاء الأدوية المناسبة وحل أي مشكلة صحية.
مشاهير أصيبوا باضطراب القهم العصبي :
انجلينا جولي , الأميرة ديانا , جيسيكا ألبا , أوبرا وينفري , ليدي غاغا , فيكتوريا بيكهام وغيرهم.
وأخيراً , الناقص كالزائد في ضرره , فما أروع التوازن لصحة أفـضل وحياة أجمـل…
اخصائية التغذية والحميات : رغـد لؤي فروخ.